الطلاب والخيار الصعب

يمر الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة بلحظات حرجة وحاسمة في تشكيل حياتهم ومستقبلهم، وذلك لأنهم مقبلين على إتخاذ قرار حيوي سوف ينعكس أثره سلباً أو إيجاباً على بقية أيام حياتهم. ولا شك أنهم في هذه الدوامة ليسوا وحدهم ولكن يشاطرهم تلك الحيرة والتردد في إتخاذ القرار أباؤهم وأمهاتهم الذين سهروا الليالي وعدوا الأيام في إنتظار هذا اليوم، وذلك نابعاً من حبهم وحرصهم الشديد في مساعدة أبنائهم لبناء مستقبل مشرق لهم.

 

والحق يقال إنه بالفعل لقرار مصيري وصعب في نفس الوقت، وتلك هي سجية الانسان عندما يقبل على إتخاذ قرار من هذا النوع فإنه يقدم رجلاً ويؤخر أخرى إلا من كانت لديه مهارات مبنية على أسس علمية لاتخاذ القرارات المصيرية والصعبة وكان العون والتوفيق من الله حليفه. ومن هنا أحببت أن أشارك الطلاب في هذا الحمل بأن أقترح عليهم بعض الأفكار والرؤى التي قد تساعدهم في اتخاذ القرار الصعب في اختيار الكلية المناسبة لهم. وربما يقول قائل أن الاختيارات أصبحت محدودة جداً بسبب ارتفاع نسب القبول في الجامعات والمعاهد والكليات، ناهيك عن اختبارات القدرات والمستويات والتي أصبحت ذعراً للطلاب على ما هم فيه أصلاً من ارتباك وعدم وضوح في الرؤية. وإن كان هذا صحيحاً إلا أنه لا يعفينا من إتباع الأساليب العلمية خصوصاً عند القدوم على اتخاذ قرار مصيري وفي حالة مرتبكة ومشوشة بسبب قلة المعلومات ومحدودية الخبرة

 

إن السؤال الأهم في الاختيار هو أنت أيها الطالب، ماهي ميولك وإهتماماتك؟ ماهي أحلامك وأهدافك في الحياة؟ ماذا تريد أن تكون؟ ماهي إمكانياتك وقدراتك؟ إن الاجابة على مثل هذه الأسئلة له أثر كبير في إتخاذ قرار ناجح نحو المستقبل يتوافق مع الذات ويسمو إلى التطلع والرقي في سلم النجاح وتحقيق الذات. لا تدع مجالاً لأحد لكي يؤثر عليك في إتخاذ القرار، لا تسمع إلى همس الزملاء بأن هذه الكلية لها مستقبل دون غيرها، أو هذا التخصص له طلب في سوق العمل مما ليس متاحاً للتخصصات الأخرى، وذلك لأن المستقبل تصنعه أنت لا التخصص وإثبات الذات تبنيه بعملك ومهاراتك لا بشهادتك فحسب. إن الشهادة الجامعية على أهميتها لم تعد المقياس الوحيد للقبول والدخول إلى سوق العمل، لقد أصبح الأمر يتطلب إكتساب معارف ومهارات، والإلمام بلغة أو أخرى، والاستمرار في التعلم لكي تستطيع مواكبة كل حديث ومستجد في مجال عملك وتخصصك.

 

إن بامكانك تعلم بعض أو كل تلك المهارات في سنين طويلة من الأصدقاء والاطلاع على الكتب والمجلات، كما أنه بامكانك إختصار الزمن، وهو عامل مهم للنجاح، لاتقان تلك المهارات من خلال حضور الدورات التدريبية والتي هي خلاصة خبرة طويلة للمدرب في مجال تخصصه فيختصر لك الزمان ويقرب لك المكان بإعطائك أسرار المهارة التي أنت بصدد تعلمها وإتقانها.

 

لا تكن الجامعة أو الكلية نهاية طموحاتك وأحلامك، وبادر بالجد والاجتهاد، وأطرق أبواب الرجاء بمن بيده مفاتح الغيب وينزل الرزق من السماء، وإن دعوة رضية من والديك لتفتح لك كل باب مغلق وتيسر لك كل أمر عسير.

 
 

د/عدنان مصطفى البار


آخر تحديث
10/13/2012 2:33:16 AM